يصف مخرج ومصور البرنامج أحمد كامل لـ"العربية.نت" غار حراء كما رآه فيقول إن ارتفاعه يصل إلى كيلو متر واحد تقريبا، وتستغرق الرحلة إليه مشيا على الأقدام عبر صعود الجبل حوالي ساعة واحدة و45 دقيقة، علما أنه أعلى جبل في مكة المكرمة، ويطل الغار على بطاح مكة وتواجه فتحته الكعبة.
ويستطرد: بعد رحلة شاقة وصلنا لقمة الجبل، ونصف الطريق إليه حاليا مسفلت، نظرا لوقوعه في الوقت الحاضر قرب البنيان، وهو ما لم يكن عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند قمة الجبل تضطر إلى الانحدار 20 مترا بسلالم جانبية للوصول لمدخل غار حراء.
كأنه شقة صغيرة للمعيشة
ويوضح المخرج أحمد كامل أن مساحة الغار مهيأة لاستقبال 4 أفراد تقريبا، كأنه شقة صغيرة للمعيشة، عليك أن تدخل بجنبك بحرص من بين صخرتين عظيمتين، فتجد أمامك ساحة صغيرة كأنها شرفة تطل على بطاح مكة المكرمة، مساحتها حولى 9 أمتار مربعة.
ويمضي في وصفه لغار حراء قائلا: العجيب أن تجد مخدعا صخريا كأنه سرير مهيأ لتمدد جسم الانسان عليه مع وصلة لرأسه. وأعجب منظر هو عندما تتجه لدخول مكان المحراب المتجه تماما للقبلة، لتفاجأ بأن فتحة الغار تطل تماما على الحرم المكي وتتعامد تماما على الكعبة "والله كدت أبكي من جمال المنظر واعجازيته فقد كانت منارات الحرم وصحن الطواف في الدور الثاني تظهر تماما أمامي".
ويقول أحمد كامل: هنا بدأت اتخيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يوما في هذا المكان، ينظر من هذه الفتحة إلى الكعبة فيراها بوضوح، لأن بنياني الحرم والمسعى الحاليين لم يكونا موجودين في ذلك الزمان.
وينفرد برنامج السيرة النبوية بتقديم أول مشهد من نوعه يظهر منارات الحرم من خلال فتحة غار حراء، ومشهد آخر التقط قبل الانحدار لدخول الغار، وفيه تظهر بطاح مكة وبداخلها الحرم.
قصة غار حراء
ما هي قصة هذا الغار الشهير في التاريخ الاسلامي".. يقول معلق برنامج السيرة النبوية إن الرسول قبل بلوغه الأربعين بثلاث سنوات، كان يختلي فيه للتأمل والعزلة، يأخذ معه حاجاته الضرورية ويقيم فيه طيلة شهر رمضان، قاضيا وقته في التفكير فيما حوله من شؤون الكون.
يصف حسن شاهين عضو فريق البرنامج جبل النور الذي يوجد غار حراء في أعلى قمته، بأنه يقع تقريبا في شرق مكة المكرمة، ويعتبر من أعلى الجبال فيها ارتفاعا، وقمته تنحني بشكل طبيعي وتلقائي وتتجه إلى الكعبة أو الحرم.
ويواصل بقوله: كان جبل النور قديما بعيدا عن البنيان وعن الحرم ومكة، الآن يعتبر في قلب البنيان، ويسمي أهل مكة الحي الذي يحيط به بحي الغسالة، أو جبل النور. هناك مدخل للجبل مسفلت تصعد عليه السيارات بشكل قوي حتى تصل لسفح الجبل ثم تتوقف، حيث يوجد بعض الباعة الجائلين. بعدها تبدأ الصعود بالأقدام على الصخور، متذكرا رحلة شبيهة وأشق كان يقوم بها الرسول ليعتكف بالغار في شهر رمضان، تاركا زوجته السيدة خديجة بنت خويلد وأهل بيته في منطقة قريبة من الجبل.
ويؤكد معلق برنامج السيرة النبوية انها رحلة ليست يسيرة لمن لم يألف صعود الجبال وتزداد صعوبتها في صيف مكة شديد الحرارة.
زاده الخبز اليابس
ويقول د.عائض القرني إن الرسول كان يجلس في غار حراء يتعبد ويتأمل في الكون، زاده الخبز اليابس، أي خبز البر "الذرة" والشعير، يلفه في لفافة عنده، ومعه شئ من الماء.
ويوضح معلق برنامج السيرة النبوية أنه يزيدُ من مشقةِ الصعودِ إلى الجبل، عدمُ وجودِ مسالكَ محددةٍ فيه. والمتأملُ في الصخور التي تحيط به من كل جانب، يراها بركانيةً سوداءَ داكنة، ربما تساهم في زيادة الشعورِ بارتفاعِ درجةِ الحرارةِ هنا.
ماذا كان يفعل الرسول في خلوته بغار حراء؟.. يقول د. سلمان العودة: هذا الإعتزال كان موعدا سنويا في شهر رمضان من كل سنة، يذهب فيه النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث ويتعبد الليالي ذوات العدد ثم يرجع إلى زوجه خديجة فيتعبد لمثلها، كان يتوجه إلى ربه ويعبده ويستغفر ويتوجع من الوضع والحال التي كان الناس عليها.
ويقول المعلق: في هذا الغار وفي السنة التي أكمل فيه الرسول الأربعين من عمره وقع الحدثُ الكبير. أرسلَ ربُّ العزةِ مَلَكَ الوحيِ جبريلَ عليه السلام، يَحمل إلى رسولِه صلى الله عليه وسلم، الآياتِ الأولى من القرآن الكريم. كان هذا الحدثُ على أرجحِ الأقوال ليلةَ الاثنين الحادي والعشرين من شهرِ رمضان في السنة الثالثةَ عشرةَ قبل الهجرة، وهو يوافقُ العاشرَ من شهر أغسطس/آب عام 610 ميلادية.